ترجمة عن حياة الولية الفاضلة عيشة بنت المختار ولد حامدن رحمها الله/بقلم الحسين محنض(ح1)

سبت, 06/13/2020 - 10:59

في ختام نشرياتي عن والدتنا الولية الصالحة العالمة العاملة المرحومة عائشة بنت المختار بن حامدن رأيت أن أنشر للتاريخ ترجمة موجزة عن حياتها لعلها تكون نبراسا لبناتنا السائرات في طريق العلم والتقوى..

ترجمة عائشة بنت المختار بن حامدن

الحلقة الأولى 

((تنتمي عائشة بنت المختار بن حامدن لعائلتين مشهورتين بالعلم والصلاح فوالدها هو مؤرخ الجمهورية وشاعرها العلامة المختار بن حامدن المجاور في آخر حياته بالمدينة المنورة، وجدها من جهته هو العلامة الكبير المشهور بالعلم والفتوى والقضاء محنض بابه بن اعبيد الديماني دفين آمنيگير مؤلف الميسر على مختصر خليل وغيره من التآليف المفيدة. أما والدتها فهي المرأة الصالحة العابدة الورعة المجاورة مريم بنت أحمد البشير جدها العلامة الولي الصالح المشهور بالعلم والزهد والورع والتقوى أحمد البشير القلاوي صاحب كتاب مفيد العباد وكتاب مورد النجاح وغيرهما من المؤلفات النافعة.. فهي بكرية أبا وأما.

ولدت بأطار سنة 1946 حيث ترعرعت فيما بين أطار وشنگيطي بآدرار إلى أن انتقلت مع والديها إلى أبي تلميت عندما تم تعيين والدها المختار بن حامدن أستاذا للتاريخ بمعهد بتلميت سنة 1956. 

وخلال وجودها في بتلميت تزوجها والدنا الشيخ بن محنض الديماني لأمه آمنة (البنية) بنت منيه الأبييرية، ولم يلبثا أن انتقلا إلى انواكشوط إبان فترة الاستقلال حيث أصبح والدها مستشارا ثقافيا لرئيس الجمهورية، بينما سيتدرج زوجها في مناصب مختلفة في الدولة تردد فيها بين منصب مدير لإدارات مختلفة أشهرها الثقافة والتعليم ومنصب أمين عام لوزارة قبل إحالته للتقاعد.

وفي انواكشوط عاشت عائشة كل شبابها واشتهرت منذ الصغر بالاستقامة والفضل والسيادة وحسن الخلق والكرم المفرط. ثم انتقلت إلى انواذيبو في أوائل الثمانينات بانتقال زوجها إليه للعمل فيه وظلت تتردد بين انواكشوط وانواذيبو والحجاز الذي انتقل إليه والداها مجاورين..  وفي هذه الفترة ازداد إقبالها على العلم والعبادة، ودخلت في حياة التزكية والزهد والانقطاع إلى الله تعالى بالعلم والعمل، فأسست في انواذيبو سنة 1983 محظرتها التي كرستها للدعوة والتعليم مشتغلة بوعظ النساء وإرشادهن وتعليمهن العلم والقرآن بالتجويد.. ثم انشغلت بالأذكار الكثيرة، وفتح الله تعالى عليها أواسط الثمانينات فانقشعت عنها الحجب وكثرت مرائيها الصالحة وخوارقها، وأخذت في البحث عن الصالحين والاجتماع بهم، والاستفادة منهم والأخذ عنهم، فكان ممن أخذت عنه الشيخ سيدي محمد التاگنيتي الذي كتب لها بالمشيخة وأجازها في الورد القادري، ولما توفي أخذت الورد التجاني.. 

واشتغلت بالعلم والتعليم والتأليف ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم واتباعه حيثما حلت في موريتانيا وفي بلاد الحرمين التي توطنتها فترات متقطعة فتخرجت على يديها على مدى قرابة أربعين سنة مئات من النساء الحافظات والداعيات والمتعلمات، والمحبات لرسول الله صلى الله عليه وسلم، فقد كانت فضلا عن تدريسها التجويد والفقه كثيرة الاشتغال بالمحبة والسيرة النبوية التي ألفت فيها مؤلفات عديدة، وشغلت السيرة والمحبة والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم جل وقتها الذي بارك الله تعالى فيه، وظهرت بركاتها وانتشرت كراماتها..

فأكبر كراماتها الاستقامة والصبر على المجاهدة وعلى البلاء الكثير فقد مرضت مرات عديدة خلال الأربعين سنة الماضية أمراضا جلها مخوف تمكث فيه زمانًا أحيانا في غيبوبة تامة أيامًا أو أسابيع ثم يشفيها الله تعالى منه، حتى كان لمرابط الولي الطبيب العلامة محنض بابه بن امين يصفها بالعجيبة ويقول لها أنت مت مرات، فمن كراماتها كثرة رؤيتها للنبي صلى الله عليه وسلم وكثرة رؤية الصالحين لها مع النبي صلى الله عليه وسلم..

ومنها كما حدثتني به ما وقع في أول شبابها بعد ولادة أختي الأكبر مني ابتهاج فقد أراد الأطباء في المستشفى أن يعالجوها علاجا لا تحبه فاغتنمت غرتهم وأخذت ابنتها وجاءت إلى حائط المستشفى من خلفه فأعيتها حيلة تخرج بها فما شعرت حتى وجدت نفسها طارت وهي تحمل ابنتها من فوق الجدار ثم حطت خارجه.

ومنها بعد ذلك كما حدثتني به أني أنا ولدت بوزن ناقص نقصانًا كبيرا فأمر الطبيب الفرنسي بوضعي في جهاز حضانة وتركيب جهاز للتنفس أو التغذية في أنفي فخافت هي علي من ذلك ودعت الله مكروبة فتعطل ذلك الجهاز في الحال ولم تنفع معه حيلة فتركوها تذهب بي، وقالوا ألا أمل في حياتي فقالت لهم إنها إنما تطلبني من عند الله تعالى...

ومنها أنها رفعت إلى فرنسا في بداية الثمانينات بسبب مرض خطير في الدماغ، وسافر معها الوالد الشيخ فلما شخصها الأطباء قالوا للوالد بالفرنسية إنه لا أمل في شفائها وأن دماغها سينفجر خلال أيام أو أسابيع وأن عليه أن يذهب إلى الفندق ويتركها في رعايتهم حتى تتوفى فلما ترجم لها الوالد بعد ذهابهم كلامهم، قالت له: بل هم الذين سيموتون لا أنا وطلبت منه أن يعود بها إلى الوطن، فأبى أهل المستشفى، فاحتالا حتى حجزا في الطائرة الموالية وخرجا خفية وعادا إلى البلاد فكتب الله لها الشفاء التام، فجعل الطبيب الفرنسي الذي رفعها من انواكشوط يتعجب من أمرها غاية..

وكانت البهائم والجمادات  تخبرها أحيانا ببعض الأمور، وأحيانا ترى الأشياء البعيدة أو تسمعها فتخبر بها، وربما أخبرت بموت بعض من حضر أجلهم برائحة تشعر بها..)).

يتواصل

القسم: 

وكالة المنارة الإخبارية

على مدار الساعة