اعلام الصحراء...الشاعرحميد أجار الانتابي

أحد, 08/02/2020 - 20:49

نحاول من خلال هذه التدوينة تسليط الضوء على شخصية شاعر من أفراد الشعراء المُجيدين الذين عرفتهم هذه الصحراء، غير أن انقطاع نسله وبُعد زمنه جعلاه شبه مجهول الخبر، ولا يعلم أكثر الناس -وحتى من مقربيه- عنه أكثر من مقطوعاته الرنانة التي تداولتها ألسن الرواة..

هو أحمد بن المختار (اجّار) بن أبوبك الجد الجامع لبطن أولاد أبوبك من قبيلة انتابه الناصرية النسب المستوطنة بين بلاد الڭبله وبلاد تيرس منذ توبة أسلافها وهجرتهم من الحوض إلى تلك النواحي لطلب العلم، وعلمه عند الناس: احميّد بالتصغير، وهو أصغر إخوته السته، وأمه حميت بنت أيَّ بن أحمد مزيد بن بونه حيث تلتقي مع العلامة الشهير المختار بن بونه الجكني..

درس احميّد في محاظر قومه، كما أخذ عن فحل تيرس سيد عبد الله بن الفاظل الباركي، وتلقى كذلك عن أخيه محمدُّ (ابُّ) بن اجّار، وسرعان ما ظهرت موهبته في قرض الشعر وصحب كبار الأدباء والشعراء في زمنه كامحمد ول الطلبه اليعقوبي والمجدد بن باب احمد المجلسي وغيرهما، ويروى أنه نزل معهما ذات ليلة عند خيمة أخيه وشيخه ابُّ بن اجّار، فكانت ليلة أنس ومنادمة، وبينما هم كذلك إذ قال المضيف ابُّ:
نظمتني وفتيةً كاللآلي ... ليلةٌ عز مثلها في الليالي

فقال امحمد ول الطلبه:
ليلة قد تجمّع الأنس فيها ... صحّ فيها السرور بعد اعتلالِ

فقال المجدد:
كم تعاطت عصابتي في دجاها ... من حديث صفا صفاء الزُلال

فقال احميّد:
واقتطفنا لذيذها وأجلنا ... في القوافي الحسان كل مجال

اشتهر من شعر احميّد قوله المطرب:
أودى اصطباريَ مُذ أبصرتُ غزلانا ... يمّمن بالقلب مني أرضَ بلشانا
بيضا كأن إله العرش صاغ لها ... دون الأنام من الياقوت أبدانا
ينفرن عن كل مرتاب وكل خنا ... هن الحسان ولا يولين إحسانا
لو كن في دهر غيلان وميته ... شغلن عن ذكر مي قلبَ غيلانا

وله:
أقاعَ الغضا لا يعدك الوابل السكْبُ ... وإن غيّرت بعدي ملاعبَك النُكبُ
غدا نجدك الشرقيّ قفرا وطالما ... تثنت على عليائه الخُرد العُربُ
وكعبة أنس يُمصح الحزن عندها ... ويمحى كما يُمحى لدى الحجر الذنبُ
يمصح: يُزال ويعفّى أثره..

وله:
لو يبلغ الوجد ما ألقى وما أجد ... ما عاش قبليَ من أهل الهوى أحدُ
وجدي بميمون باق لا يدنسه ... طول الصدود ولا الأيام والبعُدُ

وله:
ألا حي بين الغبر فالجبكان ... بلاقعَ لم يوصلنَ منذ زمانِ
يجيب بها رجعُ الصدى البومَ تارة ... وطورا شآميُّ الرياح يماني
كأن لم تمس بين العذارى بها ضُحى ... أُميمُ بخطوٍ رازح متدانِ
تَراهنّ إجلالا لها يكتنفنها ... كأُمات محموم عليه حوانِ
ولم يقرع الأسماعَ فيها مُردد ... "بصنعاء عوجا اليوم فانتظراني"

توفي احميّد رحمه الله في حدود 1827..

 

 

من صفحة: رائد الثقافة الصحراوي 

القسم: 

وكالة المنارة الإخبارية

على مدار الساعة