من عبقرية ولد رازكه

سبت, 08/15/2020 - 22:25

كان جدي لأمي -رحمه الله- رجلا جثمانا هادئ الطبع دائم التفكر، وكان مولعا بالحيل العقلية ومواقف سرعة البديهه، وأدركته يقوم بجملة منها فيثير عميق الدهشة في نفوس الحاضرين، منها حيلة في لعبة "ام اديار" الشهيره لم أضبطها جيدا، لكن مقتضاها أنه يولي صَلاه للعبة ويطلب من شخص أن يتولى تقسيم البعر على "اديار" بطريقة تناسبية بحيث يكون ما في إحداها ضارب لما في الأخريين ثم يخبره بما تحوي كل واحدة منها..

وأدركته يروي -بإعجاب- قصة يعزوها للعلامة الشاعر المفوه العبقري سيد عبد الله بن محم العلوي المعروف بابن رازگه، ومفادها أن ول رازگه سافر في باخرة تحمل على سطحها 30 شخصا نصفهم مسلمون ونصف نصارى مسيحيون، فلما كانوا ذات ليلة هاج البحر واضطربت أمواجه، فقال لهم قبطان السفينة أنها لم تعد تتحمل وزنها وأنهم لابد أن يلقوا بعضهم في البحر وإلا فإنهم غارقون، فبلغت القلوب الحناجر واضطرب المسافرون كل يريد أن لا يكون من الملقَين في البحر، إلا ابن رازگه فقد اختلى بنفسه مفكرا في حيلة لإنقاذ المسلمين وإغراق النصارى، وبينما هم كذلك إذ أقبل عليهم فقال لهم أنه يدعوهم لجلسة دائرية وأن يعدوا الرقم "9" فمن وقع عليه ألقي في البحر بغض النظر عن من يكون، وقد مثل أحدهم -بعد ذلك- هذه الجِلسة بـ"العيدان" و"البعر" على عادة الصحراويين في العديد من ألعابهم الشعبية، فجعل العيدان تمثل المسلمين والبعر يمثل النصارى ونظمها بشعر حساني تلقيته وأنا ناشئ صغير وربما لم أضبطه حق الضبط وبعد طول عصر للذاكرة تذكرته هكذا:
سبگ فالطرح أخمس بعرات ... عُدين وبعره مارَ
أثلت عُدان وبعره جات ... گبل اعويد اسكن فالدارَ
ثنتين أثنين اگران ... واثلاثَ گبل اعويد إبان
وثنتين أثنين اگران ... ووحده يوفاو النصارَ
كانك سبگت أربع عُدان ... يسلم عدك من لخصارَ

المهم أن تمثيل الجلسة في الصورة المرفقه، ونقطة بداية العد محدده، واتجاه العد معين كذلك، وطبعا كل بعرة وقع عليها الرقم 9 لم تدخل في العد بعد ذلك فهي بمثابة شخص ألقي في البحر، فمن طبّق ذلك لم يقع له العد إلا على بعرة حتى ينتهي جميع البعر!

 

 

من صفحة رائد الثقافة الصحراوية 

القسم: 

وكالة المنارة الإخبارية