نيابيات المذرذرة تحت المجهر:/مقال مثير للجدل

اثنين, 05/30/2022 - 00:34

مع بداية الحكم الحالي، تسابقت رجالات المعارضة السابقة في مقاطعة المذرذرة إلى خطب ود الرئيس الجديد، فعرضوا مظالمهم عليه خلال العشرية الماضية، ومن المهم هنا توضيح أن ما يعتبرونه "مظالم" كان يتمحور أساسا حول إشراك نخب وقادة الخزان الانتخابي في المقاطعة، وهو إشراك يفرضه المنطق السياسي والإنصاف والعدل، لكنهم يرون عكس ذلك تماما. المهم استطاعوا اقناع الرئيس بأنهم الوحيدون الذين يستطيعون جمع أهل المذرذرة على كلمة سواء ولا أدري كيف اقتنع (فالمعطيات والأرقام تقول عكس ذلك) لكن الراجح عندي أنه تأثر بالحكاية الدرامية، فقرر الوقوف إلى جانبهم وتعويضهم عن ما فاتهم فكان لهم دون سواهم، قربهم وأفردهم بالمكاسب والمناصب، وترك الآخرين على قارعة الطريق. 
ظل المهمشون ينتظرون دورهم دون جدوى، وظلوا متمسكين بدعم النظام الجديد في انتظار أمل يلوح في الأفق، إلى أن ظهر مؤشر جديد وخطير في طريق القضاء على هؤلاء المهمشين نهائيا، وحرمانهم بشكل كلي من الدولة ومناصبها. نعم فبعد استحواذهم على الحقائب الوزارية والمناصب السياسية الهامة في الدولة، خرج من بين ظهرانيهم من يطالب لنفسه بمقعد "النائب" مدعوما من طرف البارونات الطائعية. لم تأتي هذه المطالبة بمحض الصدفة، إنما جاءت بعد تخطيط محكم من طرف هؤلاء البارونات، بارونات الفساد واحتكار كل شيء. فدفعوا بشخص بريء في معركة سياسية سابقة لأوانها، هدفها الأول إقصاء الجميع، ليخلو لهم الجو وينعموا وحدهم بالمكاسب، كما كان الحال في زمن نظام معاوية ولد سيدأحمد ولد الطائع، فيضمنوا بذلك أن لا يكون لهم منافس في دائرة المذرذرة.

 

يا لَكِ مِن قُبَّرَةٍ بِمَعمَرِ ** خَلا لَكِ الجَوَّ فَبيضي وَاِصفِري
قَد رُفِعَ الفَخُّ فَماذا تَحذَري ** وَنَقِّري ما شِئتِ أَن تُنَقَّري

 

هي مؤامرة سياسية من الحجم الكبير، لكن قلّ من أهل المذرذرة من تنبّه لها أو لاحظ مدى خطورتها، وحتى حزب الاتحاد من أجل الجمهورية بات مسيَّرا حسب أهواء هؤلاء دون أن يشعر، يرى ما يرَون ويقرّ ما يقرون دون مشاورة أحد أو الرجوع لرأي لأي كان من الفاعلين السياسيين في المقاطعة. الشيء الذي سيتسبب (إن استمر الوضع على ما هو عليه) في انفجار مفاجئة انتخابية لم يكن الحزب ولا الدولة يحسبان لها حسابا.

لنتصور مثلا أن الحزب سار في فلك هؤلاء، وقدم لهم مشرحهم أو أي مرشح آخر، متجاهلا حجم القواعد الشعبية والوزن السياسي للطرف الآخر، ماذا ستكون النتيجة؟! من المهم أن نعلم أن معارضة هذا الطرف آنف الذكر، لن يكون مثل معارضة الطائعيبن في الاستحقاقات الماضية والتي قبلها التي لم يحصدوا خلالها إلا السراب، فالثقل السياسي مختلف تماما، وسيتعزز أكثر إذا ما أضفنا له تذمر قواعدهم الشعبية من الإقصاء والتهميش المتواصل. 

إذا أصر الحزب على تقديم مرشحهم في الاستحقاقات القادمة، ستكون النتيجة بدون شك مدوية وصادمة.

شخصيا.. لا أنصح الحزب بالمخاطرة في دائرة انتخابية مهمة كالمذرذرة، لأنه ليس من الحكمة كسب ود شخص (مهما بلغت مكانة ذلك الشخص) مقابل خسارة ولاء مقاطعة بأكملها. السياسة تفرض توازنات، وأي محاولة عبث بتلك التوزانات سيؤدي مباشرة إلى اختلالات عميقة، سيكون من الصعوبة بمكان إعادة هيكلتها وترتيبها من جديد.

بقلم أحمدو ولد الننيه

القسم: 

وكالة المنارة الإخبارية

على مدار الساعة